-
Par oumaazedine le 11 Mars 2012 à 12:21
نصيحة للنساء اللاتى تاخر زواجهن
وسئل فضيلة الشيخ محمد الصالح العثيمين رحمه الله*:
اريد ان استشير فضيلتكم فى امر يخصنى انا وسائر اخواتى البنات الا وهو انه قد كتبت علينا ان نظل بلا زواج,وقد تخطينا سن الزواج,واقتربنا من سن الياس,هذا مع العلم و لله الحمد والله على مااقول شهيد فنحن على درجة من الاخلاق,وحصلنا على شهادات جامعية جميعنا,ولكن هذا هو نصيبنا الحمد لله_
ولكن الناحية المادية هى التى لاتشجع احد ان يتقدم لزواجنا. فان ظروف الزواج وخاصة فى بلدنا يقوم على المشاركة بين الزوجين باعتبار ما سيكون فى المستقبل. ارجو نصيحتى وتوجيهى انا واخواتى?
فاجاب. النصيحة التى اوجهها الى هؤلاء النساء اللاتى تاخرن عن الزواج هى كما اشارت اليه السائلة ان يلجان الىالله عز وجل بالدعاء التضرع اليه بان يهىء لهن من يرضى دينه خلقه, واذا صدق الانسان العزيمة فى التوجه الى الله , اللجوء اليه, واتى باداب الدعاء, وتخلى عن موانع الجابة , فان الله تعالى يقول:( واذا سالك عبادى عنى فانى قريب اجيب دعوة الداع اذا دعان)( البقرة:186)( وقال ربكم ادعونى استجب لكم)(غافر:60)
فرتب سبحانه وتعالى الاجابة على الدعاء بعد ان يستجيب المرء لله,ويؤمن به,فلا ارى شيئا اقوى من اللجوءالى الله عز وجل,ودعائه والتضرع اليه وانتظار الفرج,وقد ثبت عن النبى صلى الله عليه وسلم انه قال:_واعلم ان النصر مع الصبر ,وان الفرج مع الكرب, وان مع العسر يسرا: واسال الله تعالى لهن ولامثالهن ان ييسرلهن الامر وان يهىء لهن الرجال الصالبحين, الذى يريدهن على صلاح الدين والدنيا. والله اعلم.
المصدر كتاب فتاوى المراة المسلمة صفحة 707
votre commentaire -
Par oumaazedine le 11 Mars 2012 à 11:38
احذر الشريك الخوَّان للشيخ الفوزان
الحمد لله رب العالمين، أمر بالجهاد وجعله فريضة على جميع العباد، بحسب الاستطاعة
والاستعداد، يقول تعالى : ( وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ ) [الحج:78].
وهذا أمر لعموم المسلمين بالجهاد، كل عليه واجب منه حسب استطاعته،
فقد أمرهم أن يجاهدوا فيه حق جهاده كما أمرهم أن يتقوه حق تقاته..
والجهاد أربع مراتب :
أولها : جهاد النفس.
ثانيها : جهاد الشيطان.
وثالثها : جهاد الكفار.
ورابعها : جهاد المنافقين.
والأصل والأساس هو جهاد النفس. فإن العبد ما لم يجاهد نفسه أولاً فيبدأ بها ويلزمها
بفعل ما أمرت به وترك ما نهيت عنه لم يمكنه جهاد عدوه الخارجي مع ترك العدو
الداخلي، ولهذا قال :
{ المجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله، والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه }.
وكان يقول في خطبة الحاجة : { ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا }.
وقال للحصين بن عبيد : {أسلم حتى أعلمك كلمات ينفعك الله بها }،
فأسلم، فقال : { قل اللهم ألهمني رشدي وقني شر نفسي }،
فمن لم يسلم من شر نفسه لم يصل إلى الله تعالى لأنها تحول بينه وبين الوصول إليه،
والناس قسمان: قسم ظفرت به نفسه فملكته وأهلكته وصار مطيعاً لها.
وقسم ظفر بنفسه فقهرها حتى صارت مطيعة له، وقد ذكر الله القِسمين في قوله تعالى:
( فَأَمَّا مَن طَغَى (37) وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (38) فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى
(39) وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (40)
فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ) [النازعات:37-41].
فالنفس تدعوا إلى الطغيان وإيثار الحياة الدنيا، والرب يأمر عبده بخوفه ونهي
النفس عن الهوى، والعبد إما أن يجيب داعي النفس فيهلك، أو يجيب داعي
الرب فينجو، والنفس تأمر بالشح وعدم الإنفاق في سبيل الله، والرب يدعو إلى
الإنفاق في سبيله فيقول سبحانه :
( وَأَنفِقُوا خَيْرًا لِّأَنفُسِكُمْ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [التغابن:16].
فالنفس تسمح بالملايين في سبيل البذخ والإسراف، ولا تسمح بالقرش للفقير
والمحتاج، تكون تارة أمّارة بالسوء، وتارة لوّامة تلوم صاحبها بعد الوقوع في
السوء، وتارة مطمئنة وهي التي تسكن إلى طاعة الله ومحبته وذكره،
فكونها مطمئنة وصف مدح، وكونها أمّارة بالسوء وصف ذم لها، وكونها
لوامة ينقسم إلى المدح والذم.
وجهاد النفس يكون بمحاسبتها ومخالفتها. وفي الحديث : { الكيّس من دان نفسه،
وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها، وتمنى على الله الأماني }
ومعنى: { دان نفسه } : حاسبها..
وعن عمر بن الخطاب قال: ( حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوا أنفسكم قبل أن
توزنوا، فإنه أهون عليكم في الحساب غداً أن تحاسبوا أنفسكم اليوم. وتزينوا للعرض
الأكبر، يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنكُمْ خَافِيَةٌ [الحاقة:18] ).
وقال ميمون بن مهران : ( لا يكون العبد تقياً حتى يكون لنفسه أشد محاسبةً من
الشريك لشريكه ). ولهذا قيل : ( النفس كالشريك الخوّان إن لم تحاسبه ذهب بمالك ).
وكتب عمر بن الخطاب إلى بعض عماله: ( حاسب نفسك في الرخاء قبل حساب
الشدة، فإن من حاسب نفسه في الرخاء قبل حساب الشدة عاد أمره إلى الرضا
والغبطة، ومن ألهته حياته، وشغلته أهواؤه عاد أمره إلى الندامة والحسرة ).
وقال الحسن: ( وإنما خف الحساب يوم القيامة على قوم حاسبوا أنفسهم في الدنيا،
وإنما شق الحساب يوم القيامة على قوم أخذوا هذا الأمر من غير محاسبة، ويعين
الإنسان على محاسبة نفسه معرفته أنه كلما اجتهد فيها اليوم استراح منها غداً إذا صار
الحساب إلى غيره، وكلما أهملها اليوم اشتد عليه الحساب غداً، وأنه إذا حاسبها اليوم
ربح سكنى الفردوس غداً، وإذا أهملها اليوم فخسارته بدخول النار غداً ).
فحق العاقل الحازم المؤمن بالله واليوم الآخر ألا يغفل عن محاسبة نفسه في
حركاتها، وسكناتها، وخطواتها، وخطراتها..
ويظهر التغابن بين من حاسب نفسه اليوم ومن أهملها يوم القيامة :
( يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوَءٍ تَوَدُّ لَوْ
أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا ) [آل عمران:30].
فاتقوا الله عباد الله، وحاسبوا أنفسكم قبل يوم المعاد، وجاهدوا في الله حق الجهاد،
يقول الإمام ابن القيم رحمه الله : جهاد النفس أربع مراتب :
أحدها : أن تجاهدها على تعلم الهدى ودين الحق الذي لا فلاح لها ولا سعادة
في معاشها ومعادها إلا به. ومتى فاتها علمه شقيت في الدارين.
الثانية: أن تجاهدها على العمل به بعد علمه، وإلا فمجرد العلم بلا عمل إن لم
يضرها لم ينفعها.
الثالثة: أن تجاهدها إلى الدعوة إليه وتعليمه من لا يعلمه. وإلا كان من الذين يكتمون
ما أنزل الله من الهدى والبينات، ولا ينفعه علمه، ولا ينجيه من عذاب الله.
الرابعة: أن يجاهدها على الصبر على مشاق الدعوة إلى الله وأذى الخلق،
ويتحمل ذلك كله لله ) انتهى كلامه رحمه الله.
فإذا استكمل هذه المراتب الأربع صار من الربانيين، فإن السلف مجمعون على أن
العالم لا يستحق أن يسمى ربانياً حتى يعرف الحق، ويعمل به ويعلمه، فمن علم
وعمل وعلم فذلك يدعي عظيماً في ملكوت السموات. وفي وصية لقمان لإبنه قال :
( يا بني، إن الإيمان قائد والعمل سائق والنفس حزون، فإن فتر سائقها ضلت
عن الطريق، وإن فتر قائدها حزنت، فإذا اجتمعا استقامت ).
إن النفس إذا أطمعت طمعت، وإذا فوضت إليها أساءت، وإذا حملتها على أمر الله
صلحت، وإذا تركت الأمر إليها فسدت، فاحذر نفسك، واتهمها على دينك، وأنزلها
منزلة من لا حاجة له فيها، ولا بد له منها، وإن الحكيم يذل نفسه بالمكاره حتى
تعترف بالحق، وإن الأحمق يخير نفسه في الأخلاق فما أحبت منها أحب،
وما كرهت منها كره.
لا شك أن النفس تكره مشقة الطاعة، وإن كانت تعقب لذة دائمة. وتحب لذة الراحة،
وإن كانت تعقب حسرة وندامة. فهي تكره قيام الليل وصيام النهار، وتكره التبكير في
الذهاب إلى المسجد، فكم من شخص يجلس الساعات في المقاهي والأسواق ويبخل
بالدقائق القليلة يجلسها في المسجد، تكره إنفاق المال في طاعة الله، تكره الجهاد في
سبيل الله. كما قال تعالى : ( كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ
شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ
لاَ تَعْلَمُونَ ) [البقرة:216].
تكره الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والدعوة إلى الله، تكره القيام بالإصلاح بين
الناس، وهكذا ما من طاعة إلا وللنفس منها موقف الممانع المعارض، فإن أنت أطعتها
أهلكتك وخسرتها، كما قال تعالى : ( قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ
وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ ) [الزمر:15].
إن أنت أطعتها فقد ظلمتها، حيث عرضتها لسخط الله وعقابه، وأهنتها وأنت تظن
أنك قد أكرمتها حيث أعطيتها ما تشتهي وأرحتها من عناء العمل ومشقته
فحرمتها من الثواب.
والعدو الثاني بعد النفس هو الشيطان، عدو أبينا آدم وعدو البشرية كلها، وقد حذرنا
الله منه فقال : ( إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا) [فاطر:5].
وقال تعالى : ( أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لاَّ تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ
عَدُوٌّ مُّبِينٌ ) [يس:60]
وقد أمرنا الله بالاستعاذة منه، ومعناها أن تستجير بالله من شره فإن الشيطان لا يكفه
عن الإنسان إلا الله. فإن الشيطان قد يكون من الجن وقد يكون من الإنس، وقد يكون
من الدواب، قال تعالى : ( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي
بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا ) [الأنعام:112].
وهم يتعاونون على إهلاك بني آدم، شيطان الجن بالوسوسة والإغراء بالشر
والتخذيل عن الخير، وهو عدو خفي، لا يراه الإنسان، لأنه يجري منه مجرى الدم..
كما قال تعالى : ( إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ ) [الأعراف:27]،
ولا يمنع منه جدران ولا أبواب. وإنما يمنع منه ذكر الله، وأما الشيطان الإنسي
فيراه الإنسان، ويجالسه ويكلمه، ويتلبس بلباس الدين والإنسانية، وما أكثر
شياطين الإنس اليوم وما أكثر دعايتهم للشر، فهم يدعون إليه بكل وسيلة،
يدعون إلى الإباحية والرذيلة باسم الحرية، يدعون الناس إلى الخروج من
البيوت وإلى العري والسفور باسم إخراجها من الكبت، ويدعون إلى سماع
الأغاني والمزامير وتعاطي المخدرات وشرب الخمر باسم الترفيه، ويدعون
إلى إضاعة الصلاة وإتباع الشهوات وترك الجمع والجماعات باسم التسامح،
ويدعون إلى تعطيل الشريعة وتحكيم القوانين باسم العدالة والمرونة،
ويدعون إلى الشرك والبدع ويحذرون من التوحيد والتمسك بالسنن باسم
حرية الرأي وترك الجمود، ويأمرون بالمنكر، وينهون عن المعروف،
ويقفون في طريق الدعوة إلى الله، ويصدون عن سبيل الله، ويشجعون العصاة،
ويهينون أهل الطاعات من المؤمنين والمؤمنات، ويحاولون تعطيل الحدود
باسم مسايرة الأمم المتحضرة وإن كانت كافرة، أولئك هم شياطين الإنس،
وهذه أعمالهم وعلاماتهم، وهم من جنود إبليس وأعوانه وإخوانه فاحذروهم،
وجاهدوهم حتى توقفوا زحفهم إلى بيوتكم ومجتمعاتكم.
ولكن اعلموا أن الشيطان الجني لا تمنع منه الحجب والأبواب، ولا يدفع إلا
بالاستعاذة بالله منه ومن شره، والشيطان الإنسي تمنع منه الحجب والأبواب،
ويدفع بالحذر منه والابتعاد عنه وهجره والرد على ما يدلي به من الشبه
والمقالات، والأخذ على يده ومنعه ومن تنفيذ مخططاته والتنبيه لكيده ومكره.
قال الإمام ابن القيم رحمه الله : ( فإن الله سبحانه وتعالى خلق هذا الآدمي، واختاره
من بين سائر البرية، وجعل قلبه محل كنوزه من الإيمان والتوحيد والإخلاص
والمحبة والحياء والتعظيم والمراقبة، وجعل ثوابه إذا قدم عليه أكمل الثواب وأفضله،
وهو النظر إلى وجهه والفوز برضوانه ومجاورته في جنته، وكان مع ذلك قد ابتلاه
بالشهوة والغضب والغفلة، وابتلاه بعدوه إبليس لا يفتر عنه، فهو يدخل عليه من
الأبواب التي هي من نفسه وطبعه وهواه على العبد: ثلاثة مسلطون آمرون فاقتضت
رحمة ربه العزيز الرحيم أن أعانه بجند آخر، يقاوم به هذا الجند الذي يريد هلاكه،
فأرسل إليه رسوله، وأنزل عليه كتابه، وأيده بملك كريم يقابل عدوه الشيطان،
فإذا أمره الشيطان بأمر، أمره الملك بأمر ربه، وبين له ما في طاعة العدو من
الهلاك، فهذا يلم به مرة، وهذه مرة، والمنصور من نصره الله عز وجل والمحفوظ
من حفظه الله تعالى، وجعل له مقابل نفسه الأمّارة بالسوء نفساً مطمئنة إذا أمرته
النفس الأمّارة بالسوء نهته عنه النفس المطمئنة. وإذا نهته عن الخير أمرته به
النفس المطمئنة، وجعل له مقابل الهوى الحامل على طاعة الشيطان والنفس
الأمّارة نوراً وبصيرة وعقلاً يرده عن الذهاب مع الهوى ).
فالحمد لله الذي رد كيد الشيطان باتباع السنة والقرآن، قال تعالى :
( وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا (9)
وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا ) [الشمس:7-10].
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
الشيخ صالح بن فوزان الفوزان
المشكاة
votre commentaire -
Par oumaazedine le 10 Mars 2012 à 18:51
إنَّ الحمدَ لله، نحمدُه ونستعينُه، ونستغفرُه، ونتوبُ إليه، ونعوذُ به من شرورِ أنفسِنا؛ ومن سيِّئاتِ أعمالِنا، من يهدِه اللهُ؛ فلا مُضِلَّ له، ومن يضلل؛ فلا هاديَ له، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه صلَّى اللهُ عليه، وعلى آلهِ وصحبِهِ، وسلَّمَ تسليمًا كثيرًا إلى يومِ الدين، أمَّا بعد:
فيا أيُّها الناسَ، اتَّقوا اللهَ تعالى حَقَّ التقوى، عباد الله، إن من نعم الله على عباده، من نعم الله علينا نعمة البصر كلك النعمة التي امتن الله بها علينا في غير ما آية من كتابه العزيز قال جل وعلا: (وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمْ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) وقال: (قُلْ هُوَ الَّذِي أَنشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمْ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَا تَشْكُرُونَ) وقال: (أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ*وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ*وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ)، كلك النعمة التي نبصر بها ونستعين بها في حركتنا وسكناتنا في إقامتنا وفي سفرنا وفي كل أحوالنا نتمتع بالنظر إلى ما تشتهي النفس وراحتها نتقي بها هوام الأرض ونبتعد بها عن أماكن الضر والأذى نعمة عظيمة يجب أن نشكر الله عليها ونستعين بها على طاعة الله جل وعلا ونراقب الله فيها ونعلم أنها نعمة سُنسأل عنها يوم القيامة: (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً)، ولعظيم هذه النعمة وأهميتها أولى الإسلام بها أيما عناية فأولاً أمر المسلم بأن يوجه نظره للتأمل في خلق الله ونعمه وآلاءه والاستدلال بذلك على كمال عظمته وحكمته وأنه المستحق للعبادة دون سواه (أَوَلَمْ يَنظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ) قال جل وعلا: (الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعْ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ* ثُمَّ ارْجِعْ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ) وقال: (أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ*وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ* وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ*وَإِلَى الأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ)، ومن عناية الإسلام بهذه النعمة أنه حرم على المسلم أنه أمر المسلم بغض بصره وحرم عليه إطلاق البصر في غير ما أحل الله له، لأن في إطلاق البصر سبب عظيم في الوقوع في المحرمات، ولذا جاء الأمر في غض البصر قبل الأمر بحفظ الفرج لأن غض البصر من أسباب حفظ الفروج قال تعالى: (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ)، فالإسلام يدعو إلى مجتمع نظيف لا تدار فيه الشهوات كل لحظات فإن في إثارة الشهوات سبب للوقوع في المحظور يقول صلى الله عليه وسلم: "اكفلوا لي ستاً أكفل لكم الجنة: أصدقوا إذا حدثتم، وأوفوا إذا وعدتم، وأدوا إذا ائتمنتم، وحفظوا فروجكم، وغضوا أبصاركم، وكفوا أيديكم" فالبصر رسول القلب فكلما نظر حرك القلب حتى يتقد من أفكار وأمور خطيرة.
أيها المسلم، ومن عناية الإسلام أيضاً أنه أمر بالاستئذان قبل الدخول بيوت الغير لأن هذا الاستئذان سبب لراحة أهل البيت (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) فأمر بالاستئذان قبل الدخول لأن الاستئذان راحة لأهل البيت إذا البيوت أمة راحة الناس تسكن فيه نفوسهم وتطمئن فيها أرواحهم ولا تكون حرماً آمنا إلا إذا علم أهل البيت وأذنوا لمن يدخل عليهم ودخل عليهم بعلمهم وبإذنهم وبالأوقات الذين يحددونها، ذلك أن البيوت أماكن تواجد الناس وتساهم في أمورهم فلا يجوز مفاجئتهم والإطلاع عليهم، ولهذا النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا ينظر من جحر باب في إحدى حجره ومعه مدراك يحك بها رأسه فقال: "لو أعلم أنك تنظر لفقعت به عينك إنما جعل الاستئذان لأجل البصر"، فالاستئذان إنما جعل خوفا من أن ينظر العبد ببصره ما أمر قد يعود عليه الشر وعلى أهل بيته بالشر والأذى، ومن عناية الإسلام بالبصر أيضا أنه أرشد الناس إلى عدم الجلوس في الطرقات لأن الطريق يسلكه كثير من رجال ونساء والجالسون في الطرقات ربما يكون هدف بعضهم التطلع إلى عورات النساء ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: "إِيَّاكُمْ وَالْجُلُوسَ في الطُّرُقَاتِ"، قالوا يا رسول الله: أماكننا لا بد منها نتحدث فيها، قال: "إِنْ أَبَيْتُمْ الجُلُُوسَ فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهُ"، قالوا: وما حق الطريق؟، قَالَ: "غَضُّ الْبَصَرِ وَكَفُّ الأَذَى وَرَدُّ السَّلاَمِ وَالأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْىُ عَنِ الْمُنْكَرِ".
أيها المسلم، ومن عناية الإسلام بالبصر أيضا أنه صلى الله عليه وسلم ربى الشباب المسلم بالرفق واللَّين على حفظ البصر وكفه عن التطلع النساء الأجنبيات في حياة النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع وكان منصرفاً من مزدلفة إلى منى مردف الفضل بن العباس معه فلما أوقفتهم امرأة تستفتي نظر الفضل إليها ونظرة إليه فصرف وجه الفضل عنها فنظر مع الشق الثاني فصرف وجه عنها وقال: "رأيت شاباً وشابة فخفت أن يحدث بينهما شرا" فانظر إلى هذه التربية السليمة والتوجيه القيم أنه غير وجه ذلك الشاب خوفا من أن ينظر إلى تلك المرأة فلما حول الشاب نظره وجه الأخرى حول وجه أيضا عنها كل ذلك حرص على حفظ البصر وعدم التطلع إلى ما حرم الله، ومنها أيضاً أن الإسلام شاء بالتدرج في حفظ البصر فنهى المسلم عن التمادي في ذلك سأل جرير النبي صلى الله عليه وسلم عن النظرة الفجاءة فقال: "اصْرِفْ بَصَرَكَ"، وقال لعلي رضي الله عنه : "يا عليُّ لا تُتْبِعِ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ، فَإِنَّ لكَ الأُولَى، وليست لكَ الثانيةُ" أي: النظرة المفاجأة قد تقع لكن لا تتمادى فتتبع النظرة النظرة كما عفي لك في الأولى لا يعفى عنك في الثانية، ومن عناية الإسلام أيضا بغض البصر أنه نهى الرجل أن ينظر إلى عورة الرجل والمرأة أن تنظر إلى عورة المرأة ونهى الرجل أن يكون مع الرجل في ثوب واحد وكذلك المرأة فقال: "لاَ يَنْظُرُ الرَّجُلُ إِلَى عَوْرَةِ الرَّجُلِ وَلاَ الْمَرْأَةُ إِلَى عَوْرَةِ الْمَرْأَةِ وَلاَ يُفْضِى الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ وَلاَ الْمَرْأَةُ إِلَى الْمَرْأَةِ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ" كل هذا حمايةً للمجتمع وتنقيةً له وإبعادا له عن الوقوع في الرذائل، وإن آفة إطلاق البصر آفات سيئة فمن أعظمها أن إطلاق البصر مخالف لأمر الله مخالف لنهي الله فإن الله قال: (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ) فمطلق النظر مخالف لهذا الأمر العظيم، ومن آفة النظر أيضا أنه وسيلة إلى الوقوع في المهالك وسيلة في الوقوع في الشر الشيطان يستدرج ابن آدم من خطأ إلى خطأ حتى يوقعه في البلاء، ومن آفة ذلك أيضاً من آفات إطلاق البصر أنه يعود بالحسرة على صاحبه فربما يرى أمراً لا يستطيعه أو أمراً لا يصبر عنه فيقع في المحذور، ومن أعظم الآفات أيضا ما يقع في القلب من التساهل بالمحرمات كمن أكثر النظر وأدامه أصبح عنده الأمر عاديا ينظر إلى المرأة ويتدبر ويتفكر دائما وأبدا فيذهب من قلبه الغيرة على محارم الله وتكون المعاصي والسيئات عنده سهلة يسيرة فلا يبالي ولا يتورع، فعلى المسلم أن يتقي الله في نفسه وان يتأدب بآداب الشرع من غض البصر عما حرم الله عليه لأن في ذلك زكاة قلبه (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ) أزكى لقلوبهم أطهر لنفوسهم وأصون لهم عصمة لهم من الخطأ أبعاداً لهم عن مواطن الشر وأماكن الفساد لتكون القلوب قلوب سليمة فإذا صلح القلب واستقام استقامة الجوارح، إن في الجسد مضغةً إذا صلحت صلح لها الجسد كله وإذا فسدت فسد لها الجسد كله ألا وهي القلب، وإذا استمر البصر على النظر المحرم فإن في ذلك فساداً للقلب وانحراف له عن طرق السوء، حفظنا الله وإياكم بالإسلام ووقنا وإياكم شر أنفسنا والشيطان إنه على كل شيء قدير، أقولٌ قولي هذا واستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه وتوبوا إليه إنَّه هو الغفورٌ الرحيم.
votre commentaire
Suivre le flux RSS des articles de cette rubrique
Suivre le flux RSS des commentaires de cette rubrique